About Fairouz
Fairouz is the magic, for whom the moon has bowed

 

 

Home
About Fairouz
Fairouz's Albums
Fairouz's Photos
Fairouz Fans
Fans Writes
Fairouz's Links
Documents
Fans Entertainment
downloads

 

 

 

فيروز السحر، التي

انحنى لها القمر

 

     في منطقة جبل الأرز، وفي الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني من عام ألف وتسعمئة وخمسة وثلاثين، رزق وديع حداد وليزا البستاني بابنتهما نهاد، التي عرفت فيما بعد باسم فيروز. وبعد عامين من هذا التاريخ انتقلت العائلة الى مدينة بيروت، حيث وجد الأب عملاً. كانوا فقراء كما تذكر فيروز، ولكنها كانت سعيدة.. فكم تحن هي إلى تلك الأيام، عندما كانت تغني في المطبخ، فيخرج الجار النائم غضبان من هذا لإزعاج، ساخراً من تلك الفتاة الصغيرة مبدياً استغرابه من نقل الإذاعة إلى هذا الحي دون غيره !.

   في بداية الأربعينيات من القرن العشرين، كان الأخوين فليفل يحضران لبرنامج غنائي للإذاعة اللبنانية، ووجدا ضالتهما ببعض الأصوات الشابة من المدرسة التي كانت تدرس فيها فيروز. وعندما فاتحا والد فيروز بأمر اختيارهما لابنته للغناء، رفض الوالد المحافظ معتقداً أنها سوف تغني في حفلات عامة. إلا أنه وافق في النهاية بعد ضمانات قدمها له الأخوين فليفل بأنها لن تغني إلا ضمن كورال الإذاعة. وبذلك بدأت فيروز رحلتها الطويلة مع الغناء، حيث استقبلت وصوتها الملائكي بالترحاب، حيث وافق وديع صبرا، ملحن النشيد الوطني اللبناني ورئيس الكونسرفاتوار في ذلك الوقت، على أن تدرس فيروز في المعهد دون أن تدفع أي رسوم. بعد ذلك بشهور قليلة ساعدها الأخوين فليفل لأن تكون عضواً ضمن كورال الإذاعة اللبنانية، وحصلت على راتبها الأول من الإذاعة وقدره مئة ليرة لبنانية.

   ظلت فيروز تغني مع كورال الإذاعة اللبنانية شهرين، ثم اختيرت لتغني بمفردها بعد أن أعجب بصوتها الملحن حليم الرومي الذي اختار لها اسم فيروز لتحمله بدلاً من اسمها الشخصي. في تلك الفترة كان نجم الأخوين رحباني قد بدأ بالبزوغ، وقرر حليم الرومي أن يقدم فيروز للأخوين رحباني، عاصي ومنصور. وكان اللقاء عام ألف وتسعمئة وواحد وخمسين، حيث لم يتردد عاصي الرحباني في الموافقة على التلحين لفيروز، الأمر الذي اعتبره شقيقه منصور فيما بعد بصيرة اخترقت المستقبل.. وكانت اللقاءات الرحبانية – الفيروزية قد بدأت مع أغنيات شعبية موزعة موسيقياً بطريقة جديدة مثل أغنية "البنت الشلبة"، ثم تطور لأغان خالصة التأليف والتلحين للأخوين رحباني، مثل "نحنا والقمر جيران". ولم تكد تمض ثلاث سنوات حتى كان عاصي الرحباني يعلن زواجه من فيروز.

   للعام ألف وتسعمئة وستة وخمسين ذكرى خاصة في نفس فيروز، فمع اليوم الأول لهذا العام رزقت فيروز بابنها الأول زياد، ومع هذا العام بدأت إطلالات فيروز والرحابنة في مهرجانات بعلبك، وزادت شهرة هذا الثلاثي المكون من فيروز والأخوين رحباني، وبدأت حفلاتهم تجوب العالم، وكان لأغنية راجعون صداها الكبير. ولم تكتف فيروز بالغناء للأخوين رحباني، بل تعاونت مع ملحنين عدة، مثل فيلمون وهبي، وحليم الرومي، ومحمد محسن، ومحمد عبدالوهاب، واستقرت بالنهاية تغني من ألحان ابنها زياد الرحباني. كانت حفلات فيروز ناجحة في جميع أنحاء العالم، فلم يكن يخلو مقعد من مستمع في حفلاتها، هي التي غنت في قاعة ألبرت هول في لندن، والأولمبيا في باريس، وغنت أمام أهرامات الجيزة في مصر.

   وحصلت على عديد الجوائز خلال مسيرتها الطويلة، كانت البداية مع وسام الأرز اللبناني من رتبة فارس عام اثنين وستين، ووسام الاستحقاق السوري بعدها بخمسة أعوام. ووسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى، ووسام الفخر الفرنسي من رتبة قائد عام ثمانية وثمانين، وتسلمت عام سبعة وتسعين مفتاح مدينة القدس وجائزتها، ووسام الثقافة الرفيعة من تونس عام ثمانية وتسعين.  ولا يدل هذا إلا على موقع فيروز البارز في حركة الأغنية العربية. فهي حين تغني كل صباح يتوقف الزمن ويُستبدل بالصوت، فتصير الدقائق كلمات، والثواني ألحان، وينسى المرء الوقت وما يعنيه، ويتولد الإحساس الذي ما عرفه الإنسان يوماً، إحساس أن الحياة كلها مجرد نغمة صباحية لا تعرف النعاس..

   إبان الحرب اللبنانية، لم تترك فيروز لبنان، بل ظلت فيه رافضة النزوح منه، ممثلة بذلك أعلى درجات حب الوطن والانتماء. وحتى حين فقدت ابنتها ليال بعد أن تعرض منزلها لقصف صاروخي ظلت على موقفها. وبقيت فيروز طيلة فترة الحرب منقطعة عن الغناء في لبنان، حتى لا تُحسب أنها منحازة لفئة ضد أخرى. وما أن سكنت رحى الحرب مع بداية التسعينيات حتى أهدت شعبها ألبوم "كيفك إنت" حملت كلماته وألحانه توقيع ابنها زياد الرحباني، ثم أقامت حفلاً كبيراً في بيروت عام أربعة وتسعين، ثم عادت إلى بعلبك بعد طول انتظار عام ثمانية وتسعين، ومن بعدها أحيت لسنتين متتاليتين حفلات ندر مثيلها في مدينة بيت الدين الأثرية.

   يحلو لكثير من جمهور فيروز الاستماع لغنائها صباحاً. فلصوتها سطوة على السمع، ولوقعه على الأذن صدى يقربه أكثر فأكثر إلى أعماق النفس ومكنوناتها. صوت فيروز يعطي أملاً،ويضفي على الجو رونقاً. فغناء فيروز الشجي هو أقرب إلى الصلاة منه إلى الغناء. فيه يرى السامع نفسه، ويقترب أكثر فأكثر من ذاته مانحاً نفسه وقتاً أطول مع صوت يعكس النفس في المرآة، فتبدو في أبهى حللها، لابسة لبوس عيد من نوع آخر، عيدٌ تتراقص فيه الألحان تحية للسامعين، وتتوالى فيه الكلمات جزيلة تعطي اللحن جمالاً، وتأخذ منه أبهة.و حين يكون ذلك الصوت الفيروزي الساحر متجاوباً معهما صعوداً وهبوطاً،كما يكون دائما، يصنع جواً تتآلف فيه أصوات الكمنجات و النايات جنباً إلى جنب مع الكلمات، فتنساب الأحاسيس ولايعرف لها بداية أو نهاية ويظل السامع على حالته هذه ثملا يتمايل طرباً معها متمنيا البقاء هكذا إلى أن يتلاشى الصوت الفيروزي مبقيا في الأذن رنات من الأسى وبريقاً لامعاً دالأ على حدة الصوت ونعومة نصله. هذا الخليط الساحر، يعلق في الأذن ولايبرحها، يبقى فيها أبداً، متسللاً إلى أعماق القلب، حيث يسكن ناثراً عطره ..